" من لم تنهه صلاته عن الفحشاء و المنكر لم يزدد من الله إلا بعدا " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 54 ) :
باطل .
و هو مع اشتهاره على الألسنة لا يصح من قبل إسناده ، و لا من جهة متنه . أما
إسناده فقد أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 106 / 2 مخطوطة الظاهرية
) و القضاعي في " مسند الشهاب " ( 43 / 2 ) و ابن أبي حاتم كما في " تفسير ابن
كثير " ( 2 / 414 ) و " الكواكب الدراري " ( 83 / 2 / 1 ) من طريق ليث عن طاووس
عن ابن عباس .
و هذا إسناد ضعيف من أجل ليث هذا ـ و هو ابن أبي سليم ـ فإنه ضعيف ، قال الحافظ
ابن حجر في ترجمته من " تقريب التهذيب " : صدوق اختلط أخيرا و لم يتميز حديثه
فترك .
و به أعله الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 1 / 134 ) .
و قال شيخه الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 1 / 143 ) : إسناده لين .
قلت : و قد أخرجه الحافظ ابن جرير في تفسيره ( 20 / 92 ) من طريق أخرى عن
ابن عباس موقوفا عليه من قوله ، و لعله الصواب و إن كان في سنده رجل لم يسم .
و رواه الإمام أحمد في كتاب " الزهد " ( ص 159 ) و الطبراني في " المعجم
الكبير " عن ابن مسعود موقوفا عليه بلفظ :
" من لم تأمره الصلاة بالمعروف و تنهاه عن المنكر لم يزدد بها إلا بعدا " .
و سنده صحيح كما قال الحافظ العراقي ، فرجع الحديث إلى أنه موقوف ، ثم رأيته في
معجم ابن الأعرابي قال ( 193 / 1 ) ، أنبأنا عبد الله ـ يعني ابن أيوب
المخرمي ـ أنبأنا يحيى بن أبي بكير عن إسرائيل عن إسماعيل عن الحسن قال :
لما نزلت هذه الآية *( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر )* ( العنكبوت : 45
) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكره .
و هذا مرسل ، و إسماعيل هو ابن مسلم ، فإن كان أبا محمد البصري فهو ثقة ، و إن
كان أبا إسحاق المكي فهو ضعيف ، لكن قال الحافظ العراقي : رواه علي بن معبد في
كتاب " الطاعة و المعصية " من حديث الحسن مرسلا بإسناد صحيح .
قلت : يعني أن إسناده إلى الحسن صحيح ، و لا يلزم منه أن يكون الحديث صحيحا لما
عرف من علم " مصطلح الحديث " أن الحديث المرسل من أقسام الحديث الضعيف عند
جمهور علماء الحديث ، و لا سيما إذا كان من مرسل الحسن و هو البصري ، قال
ابن سعد في ترجمته : كان عالما جامعا رفيعا ثقة ... ما أرسله فليس بحجة .
و حتى إنه لو فرض أن الحسن وصل الحديث و أسنده و لم يصرح بالتحديث أو بسماعه من
الذي أسنده إليه كما لو قال : عن سمرة أو عن أبي هريرة لم يكن حديثه حجة ، فكيف
لو أرسله كما في هذا الحديث ؟ ! قال الحافظ الذهبي في " ميزان الاعتدال " :
كان الحسن كثير التدليس ، فإذا قال في حديث عن فلان ضعف احتجاجه و لا سيما عمن
قيل : إنه لم يسمع منهم كأبي هريرة و نحوه ، فعدوا ما كان له عن أبي هريرة في
جملة المنقطع .
على أنه قد ورد الحديث عن الحسن من قوله أيضا لم ينسبه إلى النبي صلى الله عليه
وسلم ، كذلك أخرجه الإمام أحمد في " الزهد " ( ص 264 ) و إسناده صحيح ، و كذلك
رواه ابن جرير ( 20 / 92 ) من طرق عنه و هو الصواب .
ثم وجدت الحديث في " مسند الشهاب " ( 43 / 2 ) من طريق مقدام بن داود قال :
أنبأنا علي بن محمد بن معبد بسنده المشار إليه آنفا عن الحسن مرفوعا ، و مقدام
هذا قال النسائي : ليس بثقة ، فإن كان رواه غيره عن علي بن معبد و كان ثقة
فالسند صحيح مرسلا كما سبق عن العراقي و إلا فلا يصح .
و جملة القول أن الحديث لا يصح إسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم و إنما صح
من قول ابن مسعود و الحسن البصري ، و روي عن ابن عباس . و لهذا لم يذكره شيخ
الإسلام ابن تيمية في " كتاب الإيمان " ( ص 12 ) إلا موقوفا على ابن مسعود
و ابن عباس رضي الله عنهما .
و قال ابن عروة في " الكواكب " : إنه الأصح .
ثم رأيت الحافظ ابن كثير قال بعد أن ساق الحديث عن عمران بن حصين و ابن عباس
و ابن مسعود و الحسن مرفوعا : و الأصح في هذا كله الموقوفات عن ابن مسعود
و ابن عباس و الحسن و قتادة و الأعمش و غيرهم .
قلت : و سيأتي حديث عمران في المائة العاشرة إن شاء الله تعالى و هو بهذا اللفظ
إلا أنه قال : " فلا صلاة له " بدل " لم يزدد عن الله إلا بعدا " و هو منكر
أيضا كما سيأتي بيانه هناك بإذن الله تعالى فانظره برقم ( 985 ) .
و أما متن الحديث فإنه لا يصح ، لأن ظاهره يشمل من صلى صلاة بشروطها و أركانها
بحيث أن الشرع يحكم عليها بالصحة و إن كان هذا المصلي لا يزال يرتكب بعض
المعاصي ، فكيف يكون بسببها لا يزداد بهذه الصلاة إلا بعدا ؟ ! هذا مما لا يعقل
و لا تشهد له الشريعة ، و لهذا تأوله شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله :
و قوله " لم يزدد إلا بعدا " إذا كان ما ترك من الواجب منها أعظم مما فعله ،
أبعده ترك الواجب الأكثر من الله أكثر مما قربه فعل الواجب الأقل .
و هذا بعيد عندي ، لأن ترك الواجب الأعظم منها معناه ترك بعض ما لا تصح الصلاة
إلا به كالشروط و الأركان ، و حينئذ فليس له صلاة شرعا ، و لا يبدو أن هذه
الصلاة هي المرادة في الحديث المرفوع و الموقوف ، بل المراد الصلاة الصحيحة
التي لم تثمر ثمرتها التي ذكرها الله تعالى في قوله : *( إن الصلاة تنهى عن
الفحشاء و المنكر )* ( العنكبوت : 45 ) و أكدها رسول الله صلى الله عليه وسلم
لما قيل له : إن فلانا يصلي الليل كله فإذا أصبح سرق ! فقال : " سينهاه ما تقول
أو قال : ستمنعه صلاته " .
رواه أحمد و البزار و الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 2 / 430 ) و البغوي في حديث
علي بن الجعد ( 9 / 97 / 1 ) و أبو بكر الكلاباذي في " مفتاح معاني الآثار " (
31 / 1 / 69 / 1 ) بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة .
فأنت ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن هذا الرجل سينتهي عن السرقة بسبب
صلاته - إذا كانت على الوجه الأكمل طبعا كالخشوع فيها و التدبر في قراءتها -
و لم يقل : إنه " لا يزداد بها إلا بعدا " مع أنه لما ينته عن السرقة .
و لذلك قال عبد الحق الإشبيلي في " التهجد " ( ق 24 / 1 ) : يريد عليه السلام
أن المصلي على الحقيقة المحافظ على صلاته الملازم لها تنهاه صلاته عن ارتكاب
المحارم و الوقوع في المحارم .
فثبت بما تقدم ضعف الحديث سندا و متنا والله أعلم .
ثم رأيت الشيخ أحمد بن محمد عز الدين بن عبد السلام نقل أثر ابن عباس هذا في
كتابه " النصيحة بما أبدته القريحة " ( ق 32 / 1 ) عن تفسير الجاربردي و قال :
و مثل هذا ينبغي أن يحمل على التهديد لما تقرر أن ذلك ليس من الأركان و الشرائط
ثم استدل على ذلك بالحديث المتقدم : " ستمنعه صلاته " و استصوب الشيخ أحمد كلام
الجاربردي هذا و قال : لا يصح حمله على ظاهره ، لأن ظاهره معارض بما ثبت في
الأحاديث الصحيحة المتقدمة من أن الصلاة مكفرة للذنوب ، فكيف تكون مكفرة
و يزداد بها بعدا ؟ ! هذا مما لا يعقل ! ثم قال : قلت : و حمل الحديث على
المبالغة و التهديد ممكن على اعتبار أنه موقوف على ابن عباس أو غيره و أما على
اعتباره من كلامه صلى الله عليه وسلم فهو بعيد عندي والله أعلم .
قال : و يشهد لذلك ما ثبت في البخاري أن رجلا أصاب من امرأة قبلة فذكر للنبي
صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى *( إن الحسنات يذهبن السيئات )* .
ثم رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية قال في بعض فتاواه : هذا الحديث ليس بثابت عن
النبي صلى الله عليه وسلم لكن الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر كما ذكر الله في
كتابه ، و بكل حال فالصلاة لا تزيد صاحبها بعدا ، بل الذي يصلي خير من الذي لا
يصلي و أقرب إلى الله منه و إن كان فاسقا .
قلت : فكأنه يشير إلى تضعيف الحديث من حيث معناه أيضا و هو الحق و كلامه
المذكور رأيته في مخطوط محفوظ في الظاهرية ( فقه حنبلى 3 / 12 / 1 - 2 ) و قد
نقل الذهبي في " الميزان " ( 3 / 293 ) عن ابن الجنيد أنه قال في هذا الحديث :
كذب و زور .
(1/79)
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 54 ) :
باطل .
و هو مع اشتهاره على الألسنة لا يصح من قبل إسناده ، و لا من جهة متنه . أما
إسناده فقد أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 106 / 2 مخطوطة الظاهرية
) و القضاعي في " مسند الشهاب " ( 43 / 2 ) و ابن أبي حاتم كما في " تفسير ابن
كثير " ( 2 / 414 ) و " الكواكب الدراري " ( 83 / 2 / 1 ) من طريق ليث عن طاووس
عن ابن عباس .
و هذا إسناد ضعيف من أجل ليث هذا ـ و هو ابن أبي سليم ـ فإنه ضعيف ، قال الحافظ
ابن حجر في ترجمته من " تقريب التهذيب " : صدوق اختلط أخيرا و لم يتميز حديثه
فترك .
و به أعله الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 1 / 134 ) .
و قال شيخه الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 1 / 143 ) : إسناده لين .
قلت : و قد أخرجه الحافظ ابن جرير في تفسيره ( 20 / 92 ) من طريق أخرى عن
ابن عباس موقوفا عليه من قوله ، و لعله الصواب و إن كان في سنده رجل لم يسم .
و رواه الإمام أحمد في كتاب " الزهد " ( ص 159 ) و الطبراني في " المعجم
الكبير " عن ابن مسعود موقوفا عليه بلفظ :
" من لم تأمره الصلاة بالمعروف و تنهاه عن المنكر لم يزدد بها إلا بعدا " .
و سنده صحيح كما قال الحافظ العراقي ، فرجع الحديث إلى أنه موقوف ، ثم رأيته في
معجم ابن الأعرابي قال ( 193 / 1 ) ، أنبأنا عبد الله ـ يعني ابن أيوب
المخرمي ـ أنبأنا يحيى بن أبي بكير عن إسرائيل عن إسماعيل عن الحسن قال :
لما نزلت هذه الآية *( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر )* ( العنكبوت : 45
) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكره .
و هذا مرسل ، و إسماعيل هو ابن مسلم ، فإن كان أبا محمد البصري فهو ثقة ، و إن
كان أبا إسحاق المكي فهو ضعيف ، لكن قال الحافظ العراقي : رواه علي بن معبد في
كتاب " الطاعة و المعصية " من حديث الحسن مرسلا بإسناد صحيح .
قلت : يعني أن إسناده إلى الحسن صحيح ، و لا يلزم منه أن يكون الحديث صحيحا لما
عرف من علم " مصطلح الحديث " أن الحديث المرسل من أقسام الحديث الضعيف عند
جمهور علماء الحديث ، و لا سيما إذا كان من مرسل الحسن و هو البصري ، قال
ابن سعد في ترجمته : كان عالما جامعا رفيعا ثقة ... ما أرسله فليس بحجة .
و حتى إنه لو فرض أن الحسن وصل الحديث و أسنده و لم يصرح بالتحديث أو بسماعه من
الذي أسنده إليه كما لو قال : عن سمرة أو عن أبي هريرة لم يكن حديثه حجة ، فكيف
لو أرسله كما في هذا الحديث ؟ ! قال الحافظ الذهبي في " ميزان الاعتدال " :
كان الحسن كثير التدليس ، فإذا قال في حديث عن فلان ضعف احتجاجه و لا سيما عمن
قيل : إنه لم يسمع منهم كأبي هريرة و نحوه ، فعدوا ما كان له عن أبي هريرة في
جملة المنقطع .
على أنه قد ورد الحديث عن الحسن من قوله أيضا لم ينسبه إلى النبي صلى الله عليه
وسلم ، كذلك أخرجه الإمام أحمد في " الزهد " ( ص 264 ) و إسناده صحيح ، و كذلك
رواه ابن جرير ( 20 / 92 ) من طرق عنه و هو الصواب .
ثم وجدت الحديث في " مسند الشهاب " ( 43 / 2 ) من طريق مقدام بن داود قال :
أنبأنا علي بن محمد بن معبد بسنده المشار إليه آنفا عن الحسن مرفوعا ، و مقدام
هذا قال النسائي : ليس بثقة ، فإن كان رواه غيره عن علي بن معبد و كان ثقة
فالسند صحيح مرسلا كما سبق عن العراقي و إلا فلا يصح .
و جملة القول أن الحديث لا يصح إسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم و إنما صح
من قول ابن مسعود و الحسن البصري ، و روي عن ابن عباس . و لهذا لم يذكره شيخ
الإسلام ابن تيمية في " كتاب الإيمان " ( ص 12 ) إلا موقوفا على ابن مسعود
و ابن عباس رضي الله عنهما .
و قال ابن عروة في " الكواكب " : إنه الأصح .
ثم رأيت الحافظ ابن كثير قال بعد أن ساق الحديث عن عمران بن حصين و ابن عباس
و ابن مسعود و الحسن مرفوعا : و الأصح في هذا كله الموقوفات عن ابن مسعود
و ابن عباس و الحسن و قتادة و الأعمش و غيرهم .
قلت : و سيأتي حديث عمران في المائة العاشرة إن شاء الله تعالى و هو بهذا اللفظ
إلا أنه قال : " فلا صلاة له " بدل " لم يزدد عن الله إلا بعدا " و هو منكر
أيضا كما سيأتي بيانه هناك بإذن الله تعالى فانظره برقم ( 985 ) .
و أما متن الحديث فإنه لا يصح ، لأن ظاهره يشمل من صلى صلاة بشروطها و أركانها
بحيث أن الشرع يحكم عليها بالصحة و إن كان هذا المصلي لا يزال يرتكب بعض
المعاصي ، فكيف يكون بسببها لا يزداد بهذه الصلاة إلا بعدا ؟ ! هذا مما لا يعقل
و لا تشهد له الشريعة ، و لهذا تأوله شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله :
و قوله " لم يزدد إلا بعدا " إذا كان ما ترك من الواجب منها أعظم مما فعله ،
أبعده ترك الواجب الأكثر من الله أكثر مما قربه فعل الواجب الأقل .
و هذا بعيد عندي ، لأن ترك الواجب الأعظم منها معناه ترك بعض ما لا تصح الصلاة
إلا به كالشروط و الأركان ، و حينئذ فليس له صلاة شرعا ، و لا يبدو أن هذه
الصلاة هي المرادة في الحديث المرفوع و الموقوف ، بل المراد الصلاة الصحيحة
التي لم تثمر ثمرتها التي ذكرها الله تعالى في قوله : *( إن الصلاة تنهى عن
الفحشاء و المنكر )* ( العنكبوت : 45 ) و أكدها رسول الله صلى الله عليه وسلم
لما قيل له : إن فلانا يصلي الليل كله فإذا أصبح سرق ! فقال : " سينهاه ما تقول
أو قال : ستمنعه صلاته " .
رواه أحمد و البزار و الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 2 / 430 ) و البغوي في حديث
علي بن الجعد ( 9 / 97 / 1 ) و أبو بكر الكلاباذي في " مفتاح معاني الآثار " (
31 / 1 / 69 / 1 ) بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة .
فأنت ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن هذا الرجل سينتهي عن السرقة بسبب
صلاته - إذا كانت على الوجه الأكمل طبعا كالخشوع فيها و التدبر في قراءتها -
و لم يقل : إنه " لا يزداد بها إلا بعدا " مع أنه لما ينته عن السرقة .
و لذلك قال عبد الحق الإشبيلي في " التهجد " ( ق 24 / 1 ) : يريد عليه السلام
أن المصلي على الحقيقة المحافظ على صلاته الملازم لها تنهاه صلاته عن ارتكاب
المحارم و الوقوع في المحارم .
فثبت بما تقدم ضعف الحديث سندا و متنا والله أعلم .
ثم رأيت الشيخ أحمد بن محمد عز الدين بن عبد السلام نقل أثر ابن عباس هذا في
كتابه " النصيحة بما أبدته القريحة " ( ق 32 / 1 ) عن تفسير الجاربردي و قال :
و مثل هذا ينبغي أن يحمل على التهديد لما تقرر أن ذلك ليس من الأركان و الشرائط
ثم استدل على ذلك بالحديث المتقدم : " ستمنعه صلاته " و استصوب الشيخ أحمد كلام
الجاربردي هذا و قال : لا يصح حمله على ظاهره ، لأن ظاهره معارض بما ثبت في
الأحاديث الصحيحة المتقدمة من أن الصلاة مكفرة للذنوب ، فكيف تكون مكفرة
و يزداد بها بعدا ؟ ! هذا مما لا يعقل ! ثم قال : قلت : و حمل الحديث على
المبالغة و التهديد ممكن على اعتبار أنه موقوف على ابن عباس أو غيره و أما على
اعتباره من كلامه صلى الله عليه وسلم فهو بعيد عندي والله أعلم .
قال : و يشهد لذلك ما ثبت في البخاري أن رجلا أصاب من امرأة قبلة فذكر للنبي
صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى *( إن الحسنات يذهبن السيئات )* .
ثم رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية قال في بعض فتاواه : هذا الحديث ليس بثابت عن
النبي صلى الله عليه وسلم لكن الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر كما ذكر الله في
كتابه ، و بكل حال فالصلاة لا تزيد صاحبها بعدا ، بل الذي يصلي خير من الذي لا
يصلي و أقرب إلى الله منه و إن كان فاسقا .
قلت : فكأنه يشير إلى تضعيف الحديث من حيث معناه أيضا و هو الحق و كلامه
المذكور رأيته في مخطوط محفوظ في الظاهرية ( فقه حنبلى 3 / 12 / 1 - 2 ) و قد
نقل الذهبي في " الميزان " ( 3 / 293 ) عن ابن الجنيد أنه قال في هذا الحديث :
كذب و زور .
(1/79)
0 التعليقات:
إرسال تعليق