" دية ذمي دية مسلم " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 660 ) :
منكر .
أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 45 ـ 46 / 780 ) و الدارقطني في " سننه " (
ص 343 ، 349 ) و البيهقي ( 8 / 102 ) من طريق أبي كرز القرشي عن نافع عن ابن
عمر مرفوعا ، و ضعفه الدارقطني بقوله : لم يرفعه عن نافع غير أبي كرز و هو
متروك ، و اسمه عبد الله بن عبد الملك الفهري ، و ذكر الذهبي في ترجمته من
" الميزان " أن هذا الحديث من أنكر ما له ، ثم رواه الدارقطني من حديث أسامة بن
زيد ، و أعله بأن فيه عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي متروك الحديث .
قلت : بل هو متهم ، و قد تقدم له غير ما حديث ، ثم رواه البيهقي من حديث ابن
عباس ، و أعله بأن فيه الحسن بن عمارة قال : و هو متروك لا يحتج به .
و من طريق أخرى عنه ، و فيه أبو سعد البقال ، قال البيهقي :
لا يحتج به ، و قال الزيلعي ( 4 / 336 ) : فيه لين .
و رواه الرافقي في حديثه ( 19 / 2 ) عن أبي هريرة ، و فيه بركة بن محمد
الأنصاري و هو الحلبي و ليس فيه بركة ، قال الدارقطني : كان يضع الحديث .
ثم رواه البيهقي من حديث الزهري مرسلا ، و قال : رده الشافعي بكونه مرسلا ،
و بأن الزهري قبيح المرسل .
قال الشوكاني ( 7 / 55 ) مبينا وجه ذلك : لأنه حافظ كبير لا يرسل إلا لعلة .
و رواه الإمام محمد في " كتاب الآثار " ( ص 104 ) قال : أخبرنا أبو حنيفة عن
الهيثم مرفوعا .
قلت : و هذا معضل ، فإن الهيثم هذا هو ابن حبيب الصيرفي الكوفي و هو من أتباع
التابعين ، روى عن عكرمة و عاصم بن ضمرة ، و أبي حنيفة .
و توضيحا لذلك أقول : و أبو حنيفة ضعفوا حديثه كما سبق بيانه عند الحديث
( 397 ) .
و توضيحا لذلك أقول : ذكرت هناك أن الإمام رحمه الله قد ضعفه من جهة حفظه :
البخاري ، و مسلم ، و النسائي ، و ابن عدي و غيرهم من أئمة الحديث ، فأذكر هنا
نصوص الأئمة المشار إليهم و غيرهم ممن صح ذلك عنهم ، ليكون القاريء على بينة من
الأمر ، و لا يظن أحد منهم أن فيما ذكرنا هناك ما يمكن أن يدعي مدع أنه اجتهاد
منا ، و إنما هو الاتباع لأهل العلم و المعرفة و الاختصاص ، و الله عز وجل
يقول : *( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )* ، و يقول : *( فاسأل به
خبيرا )* .
1 - قال الإمام البخاري في " التاريخ الكبير " ( 4 / 2 / 81 ) : سكتوا عنه .
2 - و قال الإمام مسلم في " الكنى و الأسماء " ( ق 31 / 1 ) : مضطرب الحديث ليس
له كبير حديث صحيح .
3 - و قال النسائي في آخر " كتاب الضعفاء و المتروكين " ( ص 57 ) : ليس بالقوي
في الحديث ، و هو كثير الغلط على قلة روايته .
4 - و قال ابن عدي في " الكامل " ( 403 / 2 ) : له أحاديث صالحة ، و عامة ما
يرويه غلط و تصاحيف و زيادات في أسانيدها و متونها ، و تصاحيف في الرجال ،
و عامة ما يرويه كذلك ، و لم يصح له في جميع ما يرويه ، إلا بضعة عشر حديثا ،
و قد روى من الحديث لعله أرجح من ثلاثمائة حديث ، من مشاهير و غرائب ، و كله
على هذه الصورة ، لأنه ليس هو من أهل الحديث ، و لا يحمل عمن يكون هذه صورته في
الحديث .
5 - قال ابن سعد في " الطبقات " ( 6 / 256 ) : كان ضعيفا في الحديث .
6 - و قال العقيلي في " الضعفاء " ( ص 432 ) : حدثنا عبد الله بن أحمد قال :
سمعت أبي يقول : حديث أبي حنيفة ضعيف .
7 - و قال ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل " ( 4 / 1 / 450 ) : حدثنا حجاج
ابن حمزة قال : أنبأنا عبدان بن عثمان قال : سمعت ابن المبارك يقول : كان
أبو حنيفة مسكينا في الحديث .
8 ـ و قال أبو حفص بن شاهين : و أبو حنيفة ، فقد كان في الفقه ما لا يدفع من
علمه فيه ، و لم يكن في الحديث بالمرضي ، لأنه للأسانيد نقادا ، فإذا لم يعرف
الإسناد ما يكتب و ما كذب نسب إلى الضعف .
كذا في فوائد ثبتت في آخر نسخة " تاريخ جرجان " ( ص 510 ـ 511 ) .
9 ـ قال ابن حبان : و كان رجلا جدلا ظاهر الورع لم الحديث صناعته حدث بمئة
و ثلاثين حديثا مسانيد ما له حديث في الدنيا غيرها أخطأ منها في مئة و عشرين
حديثا إما أن يكون أقلب إسناده أو غير متنه من حيث لا يعلم فلما غلب خطؤه على
صوابه استحق ترك الاحتجاج به في الأخبار .
10 - و قال الدارقطني في " سننه " و قد ساق عن أبي حنيفة عن موسى بن أبي عائشة
عن عبد الله بن شداد عن جابر مرفوعا : " من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة
" ، فقال الدارقطني عقبه ( ص 123 ) : لم يسنده عن موسى بن أبي عائشة غير أبي
حنيفة ، و الحسن بن عمارة ، و هما ضعيفان .
11 - و أورده الحاكم في " معرفة علوم الحديث " في جماعة من الرواة من أتباع
التابعين فمن بعدهم ، لم يحتج بحديثهم في الصحيح ، و ختم ذلك بقوله ( ص 256 ) :
فجميع من ذكرناهم ، قوم قد اشتهروا بالرواية ، و لم يعدوا في طبقة الأثبات
المتقنين الحفاظ .
12 - و ذكر الحافظ عبد الحق الأشبيلي في " الأحكام " ( ق 17 / 2 ) حديث خالد بن
علقمة عن عبد خير عن على في وضوئه صلى الله عليه وسلم : فمسح برأسه مرة ، و قال
عقبه : كذا رواه الحفاظ الثقات عن خالد ، و رواه أبو حنيفة عن خالد فقال :
و مسح رأسه ثلاثا ، و لا يحتج بأبي حنيفة لضعفه في الحديث .
13 - و أورده ابن الجوزي في كتابه " الضعفاء و المتروكين " ( 3 / 163 ) و نقل
تضعيف النسائي و غيره ممن تقدم ذكره و عن الثوري أنه قال : ليس بثقة و عن النضر
ابن شميل : متروك الحديث .
14 - قال الذهبي في " ديوان الضعفاء " ( ق 215 / 1 - 2 ) : النعمان الإمام
رحمه الله ، قال ابن عدي : عامة ما يرويه غلط و تصحيف و زيادات ، و له أحاديث
صالحة ، و قال النسائي : ليس بالقوي في الحديث كثير الغلط و الخطأ على قلة
روايته ، و قال ابن معين : لا يكتب حديثه .
و هذا النقل عن ابن معين معناه عنده أن أبا حنيفة من جملة الضعفاء ، و هو يبين
لنا أن توثيق ابن معين للإمام أبي حنيفة الذي ذكره الحافظ في " التهذيب " ليس
قولا واحدا له فيه ، و الحقيقة أن رأى ابن معين كان مضطربا في الإمام ، فهو
تارة يوثقه ، و تارة يضعفه كما في هذا النقل ، و تارة يقول فيما يرويه ابن محرز
عنه في " معرفة الرجال " ( 1 / 6 / 1 ) : كان أبو حنيفة لا بأس به ، و كان لا
يكذب ، و قال مرة أخرى : أبو حنيفة عندنا من أهل الصدق ، و لم يتهم بالكذب .
و مما لا شك فيه عندنا أن أبا حنيفة من أهل الصدق ، و لكن ذلك لا يكفي ليحتج
بحديثه حتى ينضم إليه الضبط و الحفظ ، و ذلك مما لم يثبت في حقه رحمه الله ، بل
ثبت فيه العكس بشهادة من ذكرنا من الأئمة ، و هم القوم لا يضل من أخذ بشهادتهم
و اتبع أقوالهم ، و لا يمس ذلك من قريب و لا من بعيد مقام أبي حنيفة رحمه الله
في دينه و ورعه و فقهه ، خلافا لظن بعض المتعصبين له من المتأخرين فكم من فقيه
و قاض و صالح تكلم فيهم أئمة الحديث من قبل حفظهم ، و سوء ضبطهم ، و مع ذلك لم
يعتبر ذلك طعنا في دينهم و عدالتهم ، كما لا يخفى ذلك على المشتغلين بتراجم
الرواة ، و ذلك مثل محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى القاضي و حماد بن أبي
سليمان الفقيه و شريك بن عبد الله القاضي و عباد بن كثير و غيرهم ، حتى قال
يحيى بن سعيد القطان : لم نر الصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث ، رواه مسلم
في مقدمة صحيحه ( 1 / 13 ) و قال في تفسيره : يقول يجري الكذب على لسانهم ،
و لا يتعمدون الكذب ، و روى أيضا عن عبد الله بن المبارك قال : قلت لسفيان
الثوري : إن عباد بن كثير من تعرف حاله ( يعني في الصلاح و التقوى ) و إذا حدث
جاء بأمر عظيم ، فترى أن أقول للناس : لا تأخذوا عنه ؟ قال : سفيان : بلى ، قال
عبد الله : فكنت إذا كنت في مجلس ذكر فيه عباد أثنيت عليه في دينه ، و أقول :
لا تأخذوا عنه .
قلت : فهذا هو الحق و العدل و به قامت السماوات و الأرض ، فالصلاح و الفقه شيء
و حمل الحديث و حفظه و ضبطه شيء آخر ، و لكل رجاله و أهله ، فلا ضير على أبي
حنيفة رحمه الله أن لا يكون حافظا ضابطا ، ما دام أنه صدوق في نفسه ، أضف إلى
ذلك جلالة قدره في الفقه و الفهم ، فليتق الله بعض المتعصبين له ممن يطعن في
مثل الإمام الدارقطني لقوله في أبي حنيفة ضعيف في الحديث .
و يزعم أنه ما قال ذلك إلا تعصبا على أبي حنيفة ، و لم يدر البعض المشار إليه
أن مع الدارقطني أئمة الحديث الكبار مثل الشيخين و أحمد و غيرهم ممن سبق ذكرهم
أفكل هؤلاء متعصبون ضد أبي حنيفة ؟ ! تالله إن شخصا يقبل مثل هذه التهمة توجه
إلى مثل هؤلاء ، لأيسر عليه و أقرب إلى الحق أن يعكس ذلك فيقول : صدوق هؤلاء
فيما قالوه في الإمام أبي حنيفة ، و لا ضير عليه في ذلك ، فغايته أن لا يكون
محدثا ضابطا ، و حسبه ما أعطاه الله من العلم و الفهم الدقيق حتى قال الإمام
الشافعي : الناس عيال في الفقه على أبي حنيفة ، و لذلك ختم الحافظ الذهبي ترجمة
الإمام في " سير النبلاء " ( 5 / 288 / 1 ) بقوله و به نختم :
قلت : الإمامة في الفقه و دقائقه مسلمة إلى هذا الإمام ، و هذا أمر لا شك فيه
و ليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل
ثم إن الحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 3 / 127 ) من الطريق الأولى
، و قال : قال الدارقطني : باطل لا أصل له ، و أبو كرز عبد الله بن كرز متروك ،
و أقره السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 189 ) و زاد عليه ، فذكر ما سبق نقله عن
الذهبي و أنه أخرجه الطبراني في " الأوسط " يعني من الطريق المذكور .
و هذا شيء غير معهود من السيوطي فإن عادته أن يتعقب ابن الجوزي في مثل هذا
الحديث ، الذي له ما سبق ذكره من الشواهد ! و لعله إنما أمسك عن ذكرها لأنها مع
ضعفها تعارض الحديث الثابت ، و هو قوله صلى الله عليه وسلم :
" إن عقل أهل الكتابين نصف عقل المسلمين " ، و هم اليهود و النصارى .
أخرجه أحمد ( رقم 6692 ، 5716 ) و ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 11 / 26 / 2 )
و أصحاب " السنن " و الدارقطني و البيهقي من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
و حسنه الترمذي ( 1 / 312 ) و صححه ابن خزيمة كما قال الحافظ في " بلوغ المرام
" ( 3 / 342 بشرح سبل السلام ) و هو حسن الإسناد عندي ، و على هذا فكان على
السيوطي أن لا يورد الحديث في " الجامع الصغير " لمعارضته لهذا الحديث الثابت ،
و لفظه عند أبي داود : كانت قيمة الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
ثمانمائة دينار : ثمانية آلاف درهم ، و دية أهل الكتاب يومئذ النصف من دية
المسلمين ، و له شاهد من حديث ابن عمر في " المعجم الأوسط " ( 1 / 188 / 1 ) .
و قد خرجته في " الإرواء " ( 2251 ) .
و من أراد تحقيق القول في هذا الحديث من الناحية الفقهية فليراجع
" سبل السلام " للصنعاني " ، و " نيل الأوطار " للشوكاني .
(2/35)
أكمل قراءة الموضوع
Résuméabuiyad