" لا تزال هذه الأمة ، أو قال : أمتي بخير ما لم يتخذوا فى مساجدهم مذابح كمذابح النصارى " .

 " لا تزال هذه الأمة ، أو قال : أمتي بخير ما لم يتخذوا فى مساجدهم مذابح
كمذابح النصارى " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 639 ) :

ضعيف .
أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 1 / 107 / 1 ) : حدثنا وكيع قال حدثنا أبو
إسرائيل عن موسى الجهني ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف ، و له علتان :
الأولى : الإعضال ، فإن موسى الجهني و هو ابن عبد الله إنما يروي عن الصحابة
بواسطة التابعين ، أمثال عبد الرحمن بن أبي ليلى ، و الشعبي ، و مجاهد ، و نافع
، و غيرهم ، فهو من أتباع التابعين ، و فيهم أورده ابن حبان في " ثقاته " ( 7 /
449 ) ، و عليه فقول السيوطي في " إعلام الأريب بحدوث بدعة المحاريب " ( ص 30
) إنه مرسل ، ليس دقيقا ، لأن المرسل في عرف المحدثين إنما هو قول التابعي :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و هذا ليس كذلك .
الآخرى : ضعف أبي إسرائيل هذا ، و اسمه إسماعيل بن خليفة العبسي ، قال الحافظ
في " التقريب " : صدوق سيء الحفظ .
و هذا على ما وقع في نسختنا المخطوطة من " المصنف " ، و وقع فيما نقله السيوطي
عنه في " الأعلام " : إسرائيل يعني إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ، و
هو ثقة ، و هو من طبقة أبي إسرائيل ، و كلاهما من شيوخ وكيع ، و لم أستطع البت
بالأصح من النسختين ، و إن كان يغلب علي الظن الأول ، فإن نسختنا جيدة مقابلة
بالأصل نسخت سنة ( 735 ) ، و بناء على ما وقع للسيوطي قال :
هذا مرسل صحيح الإسناد ، و قد عرفت أن الصواب أنه معضل ، و هذا إن سلم من أبي
إسرائيل ، و ما أظنه بسالم ، فقد ترجح عندي أن الحديث من روايته ، بعد أن رجعت
إلى نسخة أخرى من " المصنف " ( 1 / 188 / 1 ) فوجدتها مطابقة للنسخة الأولى ،
و عليه فالسند ضعيف مع إعضاله ثم رأيته كذلك في المطبوعة ( 2 / 59 )
فائدة : المذابح : هي المحاريب كما في " لسان العرب " و غيره ، و كما جاء مفسرا
في حديث ابن عمر مرفوعا بلفظ : اتقوا هذه المذابح يعني المحاريب .
رواه البيهقي ( 2 / 439 ) و غيره بسند حسن ، و قال السيوطي في " رسالته " ( ص
21 ) حديث ثابت و استدل به على النهي عن اتخاذ المحاريب في المساجد ، و فيه نظر
بينته في " الثمر المستطاب في فقه السنة و الكتاب " ، خلاصته أن المراد به صدور
المجالس ، كما جزم به المناوي في " الفيض " ، نعم جزم السيوطي في الرسالة
السابقة ، أن المحراب في المسجد بدعة . و تبعه الشيخ علي القاري في " مرقاة
المفاتيح " ( 1 / 473 ) و غيره ، فهذا أعني كونه بدعة يغني عن هذا الحديث
المعضل ، و إن كان صريحا في النهي عنه ، فإننا لا نجيز لأنفسنا الاحتجاج بما لم
يثبت عنه صلى الله عليه و آله وسلم ، و قد روى البزار ( 1 / 210 / 416 ـ كشف
الأستار ) عن ابن مسعود أنه كره الصلاة في المحراب و قال : إنما كانت للكنائس ،
فلا تشبهوا بأهل الكتاب يعني أنه كره الصلاة في الطاق .
قال الهيثمي ( 2 / 51 ) : و رجاله موثقون .
قلت : و فيما قاله نظر فقد أشار البزار إلى أنه تفرد به أبو حمزة عن إبراهيم و
اسم أبي حمزة ميمون القصاب و هو ضعيف اتفاقا و لم يوثقه أحد فإعلاله به أولى من
إعلاله بشيخ البزار محمد بن مرداس بدعوى أنه مجهول ، فقد روى عنه جمع من الحفاظ
منهم البخاري في " جزء القراءة " و قال ابن حبان في ثقاته ( 9 / 107 ) : مستقيم
الحديث لكن يقويه ما رواه ابن أبي شيبة بسند صحيح عن إبراهيم قال : قال عبد
الله :
اتقوا هذه المحاريب . و كان إبراهيم لا يقوم فيها .
قلت : فهذا صحيح عن ابن مسعود ، فإن إبراهيم و هو ابن يزيد النخعي و إن كان لم
يسمع من ابن مسعود ، فهو عنه مرسل في الظاهر ، إلا أنه قد صحح جماعة من الأئمة
مراسيله ، و خص البيهقي ذلك بما أرسله عن ابن مسعود .
قلت : و هذا التخصيص هو الصواب لما روى الأعمش
قال : قلت : لإبراهيم : أسند لي عن ابن مسعود ، فقال إبراهيم :
إذا حدثتكم عن رجل عن عبد الله ، فهو الذي سمعت ، و إذا قلت : قال عبد الله ،
فهو عن غير واحد عن عبد الله .
علقه الحافظ هكذا في " التهذيب " ، و وصله الطحاوي ( 1 / 133 ) ، و ابن سعد في
" الطبقات " ( 6 / 272 ) ، و أبو زرعة في " تاريخ دمشق " ( 121 / 2 ) بسند صحيح
عنه .
قلت : و هذا الأثر قد قال فيه إبراهيم : " قال عبد الله " ، فقد تلقاه عنه من
طريق جماعة ، و هم من أصحاب ابن مسعود ، فالنفس تطمئن لحديثهم لأنهم جماعة ،
و إن كانوا غير معروفين لغلبة الصدق على التابعين ، و خاصة أصحاب ابن مسعود رضي
الله عنه ، ثم روى ابن أبي شيبة عن سالم بن أبي الجعد قال :
" لا تتخذوا المذابح في المساجد " .
و إسناده صحيح ، ثم روى بسند صحيح عن موسى بن عبيدة قال : رأيت مسجد أبي ذر ،
فلم أر فيه طاقا ، و روى آثارا كثيرة عن السلف في كراهة المحراب في المسجد ،
و في ما نقلناه عنه كفاية .
و أما جزم الشيخ الكوثري في كلمته التي صدر بها رسالة السيوطي السالفة ( ص 17 )
: أن المحراب كان موجودا في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، فهو مع مخالفته
لهذه الآثار التي يقطع من وقف عليها ببدعية المحراب ، فلا جرم جزم بذلك جماعة
من النقاد ، كما سبق ، فإنما عمدته في ذلك حديث لا يصح ، و لا بد من الكلام
عليه دفعا لتلبيسات الكوثري ، و هو من حديث وائل بن حجر ، و هو قوله :
(2/25)

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
مجلة فارس الإسلام للأحاديث الضعيفة والمكذوبة © 2012 | الى الأعلى