" حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نهض إلى المسجد ، فدخل المحراب يعني
موضع المحراب ، ثم رفع يديه بالتكبير ، ثم وضع يمينه على يسراه على صدره " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 643 ) :
ضعيف .
أخرجه البيهقي ( 2 / 30 ) عن محمد بن حجر الحضرمي حدثنا سعيد بن عبد الجبار ابن
وائل عن أبيه عن أمه عن وائل .
و من هذا الوجه رواه البزار و الزيادة له و الطبراني في " الكبير " كما في "
المجمع " ( 1 / 232 ، 2 / 134 - 135 ) و قال :
و فيه سعيد بن عبد الجبار ، قال النسائي : ليس بالقوي ، و ذكره ابن حبان في
" الثقات " ، و محمد بن حجر ضعيف و قال في الموضع الآخر :
و فيه محمد بن حجر ، قال البخاري : فيه بعض النظر ، و قال الذهبي : له مناكير
.قلت : و به أعله ابن التركماني في " الجوهر النقي " و زاد :
و أم عبد الجبار ، هي : أم يحيى ، لم أعرف حالها ، و لا اسمها ، فتبين من كلام
هؤلاء العلماء أن هذا الإسناد فيه ثلاث علل :
1 - محمد بن حجر .
2 - سعيد بن عبد الجبار .
3 - أم عبد الجبار .
فمن تلبيسات الكوثري : أنه سكت عن العلتين الأوليين ، موهما للقاريء أنه ليس
فيه ما يخدش إلا العلة الثالثة ، و مع ذلك فإنه أخذ يحاول دفعها بقوله :
و ليس عدم ذكر أم عبد الجبار بضائره ، لأنها لا تشذ عن جمهرة الراويات اللاتي
قال عنهن الذهبي : و ما علمت في النساء من اتهمت و لا من تركوها .
قلت : و ليس معنى كلام الذهبي هذا ، إلا أن حديث هؤلاء النسوة ضعيف ، و لكنه
ضعف غير شديد ، فمحاولة الكوثري فاشلة ، لا سيما بعد أن كشفنا عن العلتين
الأوليين .
و لذلك المقدم الآخر لرسالة السيوطي ، و المعلق عليها و هو الشيخ عبد الله محمد
الصديق الغماري كان منصفا في نقده لهذا الحديث و إن كان متفقا مع الكوثري في
استحسان المحاريب ، فقد أفصح عن ضعف الحديث فقال ( ص 20 ) و كأنه يرد على
الكوثري ، و قد اطلع قطعا على كلامه :
و الحق أن الحديث ضعيف بسبب جهالة أم عبد الجبار ، و لأن محمد بن حجر بن
عبد الجبار له مناكير كما قال الذهبي ، و على فرض ثبوته يجب تأويله بحمل
المحراب فيه على المصلي بفتح اللام للقطع بأنه لم يكن للمسجد النبوي محراب إذ
ذاك كما جزم به المؤلف يعني السيوطي و الحافظ و السيد السمهودي .
قلت : و ما ذهب إليه من التأويل هو المراد من الحديث قطعا لو ثبت بدليل زيادة
البزار يعني موضع المحراب ، فإنه نص على أن المحراب لم يكن في عهده صلى الله
عليه وسلم و لذلك تأوله الراوي بموضع المحراب ، و من ذلك يتبين للقاريء المنصف
سقوط تشبث الكوثري بالحديث سندا و معنى ، فلا يفيده الشاهد الذي ذكره من رواية
عبد المهيمن بن عباس عند الطبراني من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه و فيه ....
" فلما بنى له محراب تقدم إليه ... " .
ذلك لأن هذا اللفظ " بنى له محراب " منكر تفرد به عبد المهيمن هذا ، و قد ضعفه
غير واحد ، كما زعم الكوثري ، و حاله في الحقيقة شر من ذلك ، فقد قال فيه
البخاري : منكر الحديث ، و قال النسائي : ليس بثقة .
فهو شديد الضعف ، لا يستشهد به كما تقرر في مصطلح الحديث ، هذا لو كان لفظ
حديثه موافقا للفظ حديث وائل ، فكيف و هما مختلفان كما بينا ؟ !
و أما استحسان الكوثرى و غيره المحاريب ، بحجة أن فيها مصلحة محققة ، و هي
الدلالة على القبلة ، فهي حجة واهية من وجوه :
أولا : أن أكثر المساجد فيها المنابر ، فهي تقوم بهذه المصلحه قطعا ، فلا حاجة
حينئذ للمحاريب ، و ينبغي أن يكون ذلك متفقا بين المختلفين في هذه المسألة لو
أنصفوا ، و لم يحاولوا ابتكار الأعذار إبقاء لما عليه الجماهير و إرضاء لهم .
ثانيا : أن ما شرع للحاجة و المصلحة ، ينبغي أن يوقف عندما تقتضيه المصلحة ،
و لا يزاد على ذلك ، فإذا كان الغرض من المحراب في المسجد ، هو الدلالة على
القبلة ، فذلك يحصل بمحراب صغير يحفر فيه ، بينما نرى المحاريب في أكثر المساجد
ضخمة واسعة يغرق الإمام فيها ، زد على ذلك أنها صارت موضعا للزينة و النقوش
التي تلهى المصلين و تصرفهم عن الخشوع في الصلاة و جمع الفكر فيها ، و ذلك منهي
عنه قطعا .
ثالثا : أنه إذا ثبت أن المحاريب من عادة النصارى في كنائسهم ، فينبغي حينئذ
صرف النظر عن المحراب بالكلية ، و استبداله بشيء آخر يتفق عليه ، مثل وضع عمود
عند موقف الإمام ، فإن له أصلا في السنة ، فقد أخرج الطبراني في " الكبير "
( 1 / 89 / 2 ) و " الأوسط " ( 2 / 284 / 9296 ) من طريقين عن عبد الله بن موسى
التيمي ، عن أسامة بن زيد ، عن معاذ بن عبد الله بن خبيب ، عن جابر بن أسامة
الجهني قال :
" لقيت النبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه في السوق ، فسألت أصحاب رسول الله
أين يريد ؟ قالوا : يخط لقومك مسجدا ، فرجعت فإذا قوم قيام ، فقلت : ما لكم ؟
قالوا : خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجدا ، و غرز في القبلة خشبة
أقامها فيها .
قلت : و هذا إسناد حسن أو قريب من الحسن رجاله كلهم ثقات معروفون من رجال "
التهذيب " ، لكن التيمي مختلف فيه و قد تحرف اسم أحدهم على الهيثمي فقال في "
المجمع " ( 2 / 15 ) : رواه الطبراني في الأوسط و الكبير ، و فيه معاوية بن عبد
الله بن حبيب ، و لم أجد من ترجمه .
و إنما هو : معاذ لا معاوية و ابن خبيب بضم المعجمة ، لا حبيب بفتح المهملة ،
و على الصواب أورده الحافظ في " الإصابة " ( 1 / 220 ) من رواية البخاري في "
تاريخه " ، و ابن أبي عاصم ، و الطبراني ، و قد خفيت هذه الحقيقة على المعلق
على رسالة السيوطي ، و هو الشيخ عبد الله الغماري ، فنقل كلام الهيثمي في إعلال
الحديث بمعاوية بن عبد الله و أقره ،و جملة القول : أن المحراب في المسجد بدعة
، و لا مبرر لجعله من المصالح المرسلة ، ما دام أن غيره مما شرعه رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقوم مقامه مع البساطة ، و قلة الكلفة ، و البعد عن الزخرفة .
(2/26)
موضع المحراب ، ثم رفع يديه بالتكبير ، ثم وضع يمينه على يسراه على صدره " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 643 ) :
ضعيف .
أخرجه البيهقي ( 2 / 30 ) عن محمد بن حجر الحضرمي حدثنا سعيد بن عبد الجبار ابن
وائل عن أبيه عن أمه عن وائل .
و من هذا الوجه رواه البزار و الزيادة له و الطبراني في " الكبير " كما في "
المجمع " ( 1 / 232 ، 2 / 134 - 135 ) و قال :
و فيه سعيد بن عبد الجبار ، قال النسائي : ليس بالقوي ، و ذكره ابن حبان في
" الثقات " ، و محمد بن حجر ضعيف و قال في الموضع الآخر :
و فيه محمد بن حجر ، قال البخاري : فيه بعض النظر ، و قال الذهبي : له مناكير
.قلت : و به أعله ابن التركماني في " الجوهر النقي " و زاد :
و أم عبد الجبار ، هي : أم يحيى ، لم أعرف حالها ، و لا اسمها ، فتبين من كلام
هؤلاء العلماء أن هذا الإسناد فيه ثلاث علل :
1 - محمد بن حجر .
2 - سعيد بن عبد الجبار .
3 - أم عبد الجبار .
فمن تلبيسات الكوثري : أنه سكت عن العلتين الأوليين ، موهما للقاريء أنه ليس
فيه ما يخدش إلا العلة الثالثة ، و مع ذلك فإنه أخذ يحاول دفعها بقوله :
و ليس عدم ذكر أم عبد الجبار بضائره ، لأنها لا تشذ عن جمهرة الراويات اللاتي
قال عنهن الذهبي : و ما علمت في النساء من اتهمت و لا من تركوها .
قلت : و ليس معنى كلام الذهبي هذا ، إلا أن حديث هؤلاء النسوة ضعيف ، و لكنه
ضعف غير شديد ، فمحاولة الكوثري فاشلة ، لا سيما بعد أن كشفنا عن العلتين
الأوليين .
و لذلك المقدم الآخر لرسالة السيوطي ، و المعلق عليها و هو الشيخ عبد الله محمد
الصديق الغماري كان منصفا في نقده لهذا الحديث و إن كان متفقا مع الكوثري في
استحسان المحاريب ، فقد أفصح عن ضعف الحديث فقال ( ص 20 ) و كأنه يرد على
الكوثري ، و قد اطلع قطعا على كلامه :
و الحق أن الحديث ضعيف بسبب جهالة أم عبد الجبار ، و لأن محمد بن حجر بن
عبد الجبار له مناكير كما قال الذهبي ، و على فرض ثبوته يجب تأويله بحمل
المحراب فيه على المصلي بفتح اللام للقطع بأنه لم يكن للمسجد النبوي محراب إذ
ذاك كما جزم به المؤلف يعني السيوطي و الحافظ و السيد السمهودي .
قلت : و ما ذهب إليه من التأويل هو المراد من الحديث قطعا لو ثبت بدليل زيادة
البزار يعني موضع المحراب ، فإنه نص على أن المحراب لم يكن في عهده صلى الله
عليه وسلم و لذلك تأوله الراوي بموضع المحراب ، و من ذلك يتبين للقاريء المنصف
سقوط تشبث الكوثري بالحديث سندا و معنى ، فلا يفيده الشاهد الذي ذكره من رواية
عبد المهيمن بن عباس عند الطبراني من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه و فيه ....
" فلما بنى له محراب تقدم إليه ... " .
ذلك لأن هذا اللفظ " بنى له محراب " منكر تفرد به عبد المهيمن هذا ، و قد ضعفه
غير واحد ، كما زعم الكوثري ، و حاله في الحقيقة شر من ذلك ، فقد قال فيه
البخاري : منكر الحديث ، و قال النسائي : ليس بثقة .
فهو شديد الضعف ، لا يستشهد به كما تقرر في مصطلح الحديث ، هذا لو كان لفظ
حديثه موافقا للفظ حديث وائل ، فكيف و هما مختلفان كما بينا ؟ !
و أما استحسان الكوثرى و غيره المحاريب ، بحجة أن فيها مصلحة محققة ، و هي
الدلالة على القبلة ، فهي حجة واهية من وجوه :
أولا : أن أكثر المساجد فيها المنابر ، فهي تقوم بهذه المصلحه قطعا ، فلا حاجة
حينئذ للمحاريب ، و ينبغي أن يكون ذلك متفقا بين المختلفين في هذه المسألة لو
أنصفوا ، و لم يحاولوا ابتكار الأعذار إبقاء لما عليه الجماهير و إرضاء لهم .
ثانيا : أن ما شرع للحاجة و المصلحة ، ينبغي أن يوقف عندما تقتضيه المصلحة ،
و لا يزاد على ذلك ، فإذا كان الغرض من المحراب في المسجد ، هو الدلالة على
القبلة ، فذلك يحصل بمحراب صغير يحفر فيه ، بينما نرى المحاريب في أكثر المساجد
ضخمة واسعة يغرق الإمام فيها ، زد على ذلك أنها صارت موضعا للزينة و النقوش
التي تلهى المصلين و تصرفهم عن الخشوع في الصلاة و جمع الفكر فيها ، و ذلك منهي
عنه قطعا .
ثالثا : أنه إذا ثبت أن المحاريب من عادة النصارى في كنائسهم ، فينبغي حينئذ
صرف النظر عن المحراب بالكلية ، و استبداله بشيء آخر يتفق عليه ، مثل وضع عمود
عند موقف الإمام ، فإن له أصلا في السنة ، فقد أخرج الطبراني في " الكبير "
( 1 / 89 / 2 ) و " الأوسط " ( 2 / 284 / 9296 ) من طريقين عن عبد الله بن موسى
التيمي ، عن أسامة بن زيد ، عن معاذ بن عبد الله بن خبيب ، عن جابر بن أسامة
الجهني قال :
" لقيت النبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه في السوق ، فسألت أصحاب رسول الله
أين يريد ؟ قالوا : يخط لقومك مسجدا ، فرجعت فإذا قوم قيام ، فقلت : ما لكم ؟
قالوا : خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجدا ، و غرز في القبلة خشبة
أقامها فيها .
قلت : و هذا إسناد حسن أو قريب من الحسن رجاله كلهم ثقات معروفون من رجال "
التهذيب " ، لكن التيمي مختلف فيه و قد تحرف اسم أحدهم على الهيثمي فقال في "
المجمع " ( 2 / 15 ) : رواه الطبراني في الأوسط و الكبير ، و فيه معاوية بن عبد
الله بن حبيب ، و لم أجد من ترجمه .
و إنما هو : معاذ لا معاوية و ابن خبيب بضم المعجمة ، لا حبيب بفتح المهملة ،
و على الصواب أورده الحافظ في " الإصابة " ( 1 / 220 ) من رواية البخاري في "
تاريخه " ، و ابن أبي عاصم ، و الطبراني ، و قد خفيت هذه الحقيقة على المعلق
على رسالة السيوطي ، و هو الشيخ عبد الله الغماري ، فنقل كلام الهيثمي في إعلال
الحديث بمعاوية بن عبد الله و أقره ،و جملة القول : أن المحراب في المسجد بدعة
، و لا مبرر لجعله من المصالح المرسلة ، ما دام أن غيره مما شرعه رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقوم مقامه مع البساطة ، و قلة الكلفة ، و البعد عن الزخرفة .
(2/26)
0 التعليقات:
إرسال تعليق