" أنا ابن الذبيحين " .

" أنا ابن الذبيحين " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 500 ) :
لا أصل له بهذا اللفظ .
و في " الكشف " ( 1 / 199 ) : قال الزيلعي و ابن حجر في " تخريج الكشاف " : لم
نجده بهذا اللفظ .
قلت : الحديث في التخريج ( 4 / 141 ) و نص ابن حجر فيه : قلت : بيض له - يعني
الزيلعي - و قد أخرجه .
قلت : كذا قال ، و الظاهر أنه ترك بياضا في الأصل بعد قوله : أخرجه ، لإملائه
فيما بعد فلم يتمكن ، و كأنه كان يظن أن له أصلا فلم يجده ، والله أعلم .
و قد وجدت الحاكم قد علق هذا الحديث مجزوما بنسبته إلى النبي صلى الله عليه
وسلم فقال في " المستدرك " ( 2 / 559 ) بعد أن روى أثرين عن ابن عباس و ابن
مسعود أن الذبيح هو إسحاق : و قد كنت أرى مشايخ الحديث قبلنا و في سائر المدن
التي طلبنا الحديث فيه وهم لا يختلفون أن الذبيح إسماعيل ، و قاعدتهم فيه قول
النبي صلى الله عليه وسلم : " أنا ابن الذبيحين " إذ لا خلاف أنه من ولد
إسماعيل و أن الذبيح الآخر أبوه الأدنى عبد الله بن عبد المطلب ، و الآن فإني
أجد مصنفي هذه الأدلة يختارون قول من قال : إنه إسحاق .
قلت : فلعل الحاكم يشير بالحديث المذكور إلى ما أخرجه قبل صفحات ( 2 / 551 ) من
طريق عبد الله بن محمد العتبي ، حدثنا عبد الله بن سعيد ( عن ) الصنابحي قال :
حضرنا مجلس معاوية بن أبي سفيان فتذاكر القوم إسماعيل و إسحاق ابني إبراهيم ،
فقال بعضهم : الذبيح إسماعيل ، و قال بعضهم : بل إسحاق الذبيح ، فقال معاوية :
سقطتم على الخبير ، كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه الأعرابي
فقال : يا رسول الله خلفت البلاد يابسة ، و الماء يابسا ، هلك المال و ضاع
العيال ، فعد علي بما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين ، فتبسم رسول الله
صلى الله عليه وسلم و لم ينكر عليه ، فقلنا : يا أمير المؤمنين و ما الذبيحان ؟
قال : إن عبد المطلب لما أمر بحفر زمزم نذر لله إن سهل الله أمرها أن ينحر بعض
ولده ، فأخرجهم فأسهم بينهم فخرج السهم لعبد الله ، فأراد ذبحه ، فمنعه أخواله
من بني مخزوم و قالوا : أرض ربك و افد ابنك ، قال : ففداه بمئة ناقة ، قال :
فهو الذبيح ، و إسماعيل الثاني ، و سكت عليه الحاكم ، لكن تعقبه الذهبي بقوله :
قلت : إسناده واه ، و قال الحافظ ابن كثير في " تفسيره " ( 4 / 18 ) بعد أن
ذكره من هذا الوجه من رواية ابن جرير : و هذا حديث غريب جدا .
و أما ما في " الكشف " نقلا عن " شرح الزرقاني " على " المواهب " : و الحديث
حسن بل صححه الحاكم و الذهبي لتقويه بتعدد طرقه ، فوهم فاحش ، فإنما قال
الزرقاني : هذا في حديث " الذبيح إسحاق " و فيه مع ذلك نظر كما سيأتي بيانه إن
شاء الله تعالى .
ثم إن صاحب " الكشف " عقب على ما سبق بقوله : و أقول : فحينئذ لا ينافيه ما
نقله الحلبي في سيرته عن السيوطي أن هذا الحديث غريب و في إسناده من لا يعرف .
قلت : و قد عرفت أن الطرق المشار إليها في كلام الزرقاني ليست لهذا الحديث ،
فقد اتفق قول الذهبي و السيوطي على تضعيفه .
و من جهل الدكتور القلعجي أنه جزم بنسبة حديث الترجمة إلى النبي صلى الله عليه
وسلم في تعليقه على " ضعفاء العقيلي " ( 3 / 94 ) ثم ساق عقبه حديث الحاكم
و سكت عنه متجاهلا تعقب الذهبي ! و بناء على جزمه ذكره في " فهرس الأحاديث
الصحيحة " الذي وضعه في آخر الكتاب ( ص 505 ) ! .
(1/408)

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
مجلة فارس الإسلام للأحاديث الضعيفة والمكذوبة © 2012 | الى الأعلى