" بركة الطعام الوضوء قبله و بعده " .

" بركة الطعام الوضوء قبله و بعده " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 309 ) :
ضعيف .
أخرجه الطيالسي في " مسنده " ( 655 ) : حدثنا قيس عن أبي هاشم عن زاذان عن
سلمان قال : في التوراة أن بركة الطعام الوضوء قبله ، فذكرت ذلك للنبي
صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .
و أخرجه أبو داود ( 3761 ) و الترمذي ( 1 / 329 ) و عنه البغوي في " شرح
السنة " ( 3 / 187 / 1 ) و الحاكم ( 4 / 106 - 107 ) و أحمد ( 5 / 441 ) من طرق
عن قيس بن الربيع به ، و قال أبو داود : و هو ضعيف ، و قال الترمذي : لا نعرف
هذا الحديث إلا من حديث قيس بن الربيع ، و قيس يضعف في الحديث .
و قال الحاكم : تفرد به قيس بن الربيع عن أبي هاشم ، و انفراده على علو محله
أكثر من أن يمكن تركه في هذا الكتاب ، و تعقبه الذهبي بقوله : قلت : مع ضعف قيس
فيه إرسال .
قلت : و لم يتبين لي الإرسال الذي أشار إليه ، فإن قيسا قد صرح بالتحديث عن
أبي هاشم ، و هذا من الرواة عن زاذان ، و قيل لابن معين : ما تقول في زاذان ؟
روى عن سلمان ؟ قال : نعم روى عن سلمان و غيره ، و هو ثبت في سلمان .
فعلة الحديث قيس هذا و به أعله كل من ذكرنا و غيرهم ، ففي " تهذيب السنن " لابن
القيم ( 5 / 297 / 298 ) أن مهنا سأل الإمام أحمد عن هذا الحديث فقال : هو منكر
ما حدث به إلا قيس بن الربيع .
و الحديث أورده ابن أبي حاتم في " العلل " ( 2 / 10 ) فقال : سألت أبي عنه ؟
فقال : هذا حديث منكر ، لو كان هذا الحديث صحيحا ، كان حديثا و يشبه هذا الحديث
أحاديث أبي خالد الواسطي عمرو بن خالد ، عنده من هذا النحو أحاديث موضوعة عن
أبي هاشم .
قلت : و عمرو بن خالد هذا كذاب فإن كان الحديث حديثه فهو موضوع ، والله أعلم .
و أما قول المنذري في " الترغيب " ( 3 / 129 ) بعد أن ساق كلام الترمذي في قيس
ابن الربيع : قيس بن الربيع صدوق و فيه كلام لسوء حفظه لا يخرج الإسناد عن حد
الحسن .
قلت : و هذا كلام مردود بشهادة أولئك الفحول من الأئمة الذين خرجوه و ضعفوه فهم
أدري بالحديث و أعلم من المنذري ، و المنذري يميل إلى التساهل في التصحيح
و التحسين ، و هو يشبه في هذا ابن حبان و الحاكم من القدامى ، و السيوطي و نحوه
من المتأخرين ، و في الباب حديث آخر و لكنه منكر ، تقدم برقم ( 117 ) ، ثم قال
المنذري : و قد كان سفيان يكره الوضوء قبل الطعام ، قال البيهقي : و كذلك مالك
ابن أنس كرهه ، و كذلك صاحبنا الشافعي استحب تركه ، و احتج بالحديث ، يعني حديث
ابن عباس قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتى الخلاء ثم إنه رجع فأتي
بالطعام ، فقيل : ألا تتوضأ ؟ قال : " لم أصل فأتوضأ " .
رواه مسلم و أبو داود و الترمذي بنحوه إلا أنهما قالا : " إنما أمرت بالوضوء
إذا قمت إلى الصلاة " .
قلت : فهذا دليل آخر على ضعف الحديث و هو ذهاب هؤلاء الأئمة الفقهاء إلى خلافه
و معهم ظاهر هذا الحديث الصحيح .
و قد تأول بعضهم الوضوء في هذا الحديث بمعنى غسل اليدين فقط ، و هو معنى غير
معروف في كلام النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في
" الفتاوى " ( 1 / 56 ) فلو صح هذا الحديث لكان دليلا ظاهرا على استحباب الوضوء
قبل الطعام و بعده و لما جاز تأويله .
هذا ، و اختلف العلماء في مشروعية غسل اليدين قبل الطعام على قولين ، منهم من
استحبه ، و منهم من لم يستحبه ، و من هؤلاء سفيان الثوري فقد ذكر أبو داود عنه
أنه كان يكره الوضوء قبل الطعام ، قال ابن القيم : و القولان هما في مذهب أحمد
و غيره ، و الصحيح أنه لا يستحب .
قلت : و ينبغي تقييد هذا بما إذا لم يكن على اليدين من الأوساخ ما يستدعي
غسلهما ، و إلا فالغسل و الحالة هذه لا مسوغ للتوقف عن القول بمشروعيته ،
و عليه يحمل ما رواه الخلال عن أبي بكر المروذي قال : رأيت أبا عبد الله يعني
الإمام أحمد يغسل يديه قبل الطعام و بعده ، و إن كان على وضوء .
و الخلاصة أن الغسل المذكور ليس من الأمور التعبدية ، لعدم صحة الحديث به ، بل
هو معقول المعنى ، فحيث وجد المعنى شرع و إلا فلا .
(1/245)

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
مجلة فارس الإسلام للأحاديث الضعيفة والمكذوبة © 2012 | الى الأعلى