" إن آدم صلى الله عليه وسلم لما أهبطه الله تعالى إلى الأرض قالت الملائكة : أي رب *( أتجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدماء ، و نحن نسبح بحمدك و نقدس لك ؟ قال : إني أعلم ما لا تعلمون )* قالوا : ربنا نحن أطوع لك من بني آدم ، قال الله تعالى للملائكة : هلموا ملكين من الملائكة ، حتى يهبط بهما الأرض ، فننظر كيف يعملان ؟ قالوا : ربنا ! هاروت و ماروت ، فأهبطا إلى الأرض ، و مثلت لهما الزهرة امرأة من أحسن البشر فجاءتهما فسألاها نفسها فقالت : لا والله حتى تكلما بهذه الكلمة من الإشراك ، فقالا : والله لا نشرك بالله ، فذهبت عنهما ثم رجعت بصبي تحمله فسألاها نفسها قالت : لا والله حتى تقتلا هذا الصبي ، فقالا : والله لا نقتله أبدا ، فذهبت ثم رجعت بقدح خمر ، فسألاها نفسها ، قالت : لا والله حتى تشربا هذا الخمر ، فشربا فسكرا ، فوقعا عليها ، و قتلا الصبى ، فلما أفاقا ، قالت المرأة : والله ما تركتما شيئا مما أبيتما علي إلا قد فعلتما حين سكرتما ، فخيرا بين عذاب الدنيا و الآخرة ، فاختارا عذاب الدنيا " .

" إن آدم صلى الله عليه وسلم لما أهبطه الله تعالى إلى الأرض قالت الملائكة :
أي رب *( أتجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدماء ، و نحن نسبح بحمدك و نقدس لك
؟ قال : إني أعلم ما لا تعلمون )* قالوا : ربنا نحن أطوع لك من بني آدم ،
قال الله تعالى للملائكة : هلموا ملكين من الملائكة ، حتى يهبط بهما الأرض ،
فننظر كيف يعملان ؟ قالوا : ربنا ! هاروت و ماروت ، فأهبطا إلى الأرض ، و مثلت
لهما الزهرة امرأة من أحسن البشر فجاءتهما فسألاها نفسها فقالت : لا والله حتى
تكلما بهذه الكلمة من الإشراك ، فقالا : والله لا نشرك بالله ، فذهبت عنهما ثم
رجعت بصبي تحمله فسألاها نفسها قالت : لا والله حتى تقتلا هذا الصبي ، فقالا :
والله لا نقتله أبدا ، فذهبت ثم رجعت بقدح خمر ، فسألاها نفسها ، قالت : لا
والله حتى تشربا هذا الخمر ، فشربا فسكرا ، فوقعا عليها ، و قتلا الصبى ، فلما
أفاقا ، قالت المرأة : والله ما تركتما شيئا مما أبيتما علي إلا قد فعلتما حين
سكرتما ، فخيرا بين عذاب الدنيا و الآخرة ، فاختارا عذاب الدنيا " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 314 ) :

باطل مرفوعا .
أخرجه ابن حبان ( 717 ـ موارد ) و أحمد ( 2 / 134 و رقم 6178 - طبع شاكر )
و عبد بن حميد في " المنتخب " ( ق 86 / 1 ) و ابن أبي الدنيا في " العقوبات "
( ق 75 / 2 ) و البزار ( 2938 ـ الكشف ) و ابن السني في " عمل اليوم و الليلة "
( 651 ) من طريق زهير بن محمد عن موسى بن جبير عن نافع مولى ابن عمر عن
عبد الله بن عمر أنه سمع نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره .
و قال البزار : رواه بعضهم عن نافع عن ابن عمر موقوفا و إنما أتى رفع هذا عندي
من زهير لأنه لم يكن بالحافظ .
قلت : و الموقوف صحيح كما يأتي و قال الحافظ ابن كثير في تفسيره " ( 1 / 254 )
: و هذا حديث غريب من هذا الوجه ، و رجاله كلهم ثقات من رجال " الصحيحين " إلا
موسى بن جبير هذا هو الأنصاري .... ذكره ابن أبي حاتم في " كتاب الجرح و
التعديل " ( 4 / 1 / 139 ) و لم يحك فيه شيئا من هذا و لا هذا ، فهو مستور
الحال ، و قد تفرد به عن نافع .
و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 7 / 451 ) و لكنه قال : و كان يخطيء و يخالف .
قلت : و اغتر به الهيثمي فقال في " المجمع " ( 5 / 68 ) بعد ما عزى الحديث
لأحمد و البزار : و رجاله رجال الصحيح خلا موسى بن جبير و هو ثقة .
قلت : لو أن ابن حبان أورده في كتابه ساكتا عليه كما هو غالب عادته لما جاز
الاعتماد عليه لما عرف عنه من التساهل في التوثيق فكيف و هو قد وصفه بقوله :
يخطيء و يخالف و ليت شعري من كان هذا وصفه فكيف يكون ثقة و يخرج حديثه في
" الصحيح " ؟ ! .
قلت : و لذلك قال الحافظ ابن حجر في موسى هذا : إنه مستور ، ثم إن الراوي عنه
زهير بن محمد و إن كان من رجال " الصحيحين " ففي حفظه كلام كثير ضعفه من أجله
جماعة ، و قد عرفت آنفا قول البزار فيه أنه لم يكن بالحافظ .
و قال أبو حاتم في " الجرح و التعديل " ( 1 / 2 / 590 ) : محله الصدق ، و في
حفظه سوء ، و كان حديثه بالشام أنكر من حديثه بالعراق لسوء حفظه ، فما حدث من
كتبه فهو صالح ، و ما حدث من حفظه ففيه أغاليط .
قلت : و من أين لنا أن نعلم إذا كان حدث بهذا الحديث من كتابه ، أو من حفظه ؟ !
ففي هذه الحالة يتوقف عن قبول حديثه ، هذا إن سلم من شيخه المستور ، و قد تابعه
مستور مثله ، أخرجه ابن منده كما في ابن كثير من طريق سعيد بن سلمة حدثنا موسى
ابن سرجس عن نافع به بطوله .
سكت عن علته ابن كثير و لكنه قال : غريب ، أي ضعيف ، و في " التقريب " موسى بن
سرجس مستور .
قلت : و لا يبعد أن يكون هو الأول ، اختلف الرواة في اسم أبيه ، فسماه بعضهم
جبيرا ، و بعضهم سرجسا ، و كلاهما حجازي ، والله أعلم .
ثم قال الحافظ ابن كثير : و أقرب ما يكون في هذا أنه من رواية عبد الله بن عمر
عن كعب الأحبار ، لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، كما قال عبد الرزاق في
" تفسيره " : عن الثوري عن موسى بن عقبة عن سالم عن ابن عمر عن كعب الأحبار
قال : ذكرت الملائكة أعمال بني آدم و ما يأتون من الذنوب فقيل لهم : اختاروا
منكم اثنين ، فاختاروا هاروت و ماروت ... إلخ ، رواه ابن جرير من طريقين عن
عبد الرزاق به ، و رواه ابن أبي حاتم عن أحمد بن عصام عن مؤمل عن سفيان الثوري
به ، و رواه ابن جرير أيضا حدثني المثنى أخبرنا المعلى و هو ابن أسد أخبرنا
عبد العزيز بن المختار عن موسى بن عقبة حدثني سالم أنه سمع عبد الله يحدث عن
كعب الأحبار فذكره ، فهذا أصح و أثبت إلى عبد الله بن عمر من الإسنادين
المتقدمين ، و سالم أثبت في أبيه من مولاه نافع ، فدار الحديث و رجع إلى نقل
كعب الأحبار عن كتب بني إسرائيل ، و علق عليه الشيخ رشيد رضا رحمه الله بقوله :
من المحقق أن هذه القصة لم تذكر في كتبهم المقدسة ، فإن لم تكن وضعت في زمن
روايتها فهي في كتبهم الخرافية ، و رحم الله ابن كثير الذي بين لنا أن الحكاية
خرافة إسرائيلية و أن الحديث المرفوع لا يثبت .
قلت : و قد استنكره جماعة من الأئمة المتقدمين ، فقد روى حنبل الحديث من طريق
أحمد ثم قال : قال أبو عبد الله ( يعني الإمام أحمد ) : هذا منكر ، و إنما يروى
عن كعب ، ذكره في " منتخب ابن قدامة " ( 11 / 213 ) ، و قال ابن أبي حاتم في
" العلل " ( 2 / 69 ـ 70 ) : سألت أبي عن هذا الحديث ؟ فقال : هذا حديث منكر .
قلت : و مما يؤيد بطلان رفع الحديث من طريق ابن عمر أن سعيد بن جبير و مجاهدا
روياه عن ابن عمر موقوفا عليه كما في " الدر المنثور " للسيوطي ( 1 / 97 ـ 98 )
و قال ابن كثير في طريق مجاهد : و هذا إسناد جيد إلى عبد الله بن عمر ، ثم هو -
والله أعلم - من رواية ابن عمر عن كعب كما تقدم بيانه من رواية سالم عن أبيه ،
و من ذلك أن فيه وصف الملكين بأنهما عصيا الله تبارك و تعالى بأنواع من المعاصي
على خلاف وصف الله تعالى لعموم ملائكته في قوله عز وجل : *( لا يعصون الله ما
أمرهم و يفعلون ما يؤمرون )* .
و قد رويت فتنة الملكين في أحاديث أخرى ثلاثة ، سيأتي الكلام عليها في المجلد
الثاني رقم ( 910 و 912 و 913 ) إن شاء الله تعالى .
(1/247)

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
مجلة فارس الإسلام للأحاديث الضعيفة والمكذوبة © 2012 | الى الأعلى