" الصلاة في العمامة تعدل بعشرة آلاف حسنة " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 253 ) :
موضوع .
أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " ( ص 111 ) من رواية الديلمي
( 2 / 256 ) بسنده إلى أبان عن أنس مرفوعا .
و قال : أبان متهم و تبعه ابن عراق في " تنزيه الشريعة " ( 257 / 2 ) .
قلت : و قال الحافظ السخاوي في " المقاصد " ( ص 124 ) تبعا لشيخه الحافظ ابن
حجر : إنه موضوع و قال المنوفي : إنه حديث باطل كما في " موضوعات " الشيخ
القاري ( ص 51 ) .
و لا شك عندي في بطلان هذا الحديث و كذا الحديثين قبله ، لأن الشارع الحكيم يزن
الأمور بالقسطاص المستقيم ، فغير معقول أن يجعل أجر الصلاة في العمامة مثل أجر
صلاة الجماعة بل أضعاف أضعافها ! مع الفارق الكبير بين حكم العمامة و صلاة
الجماعة ، فإن العمامة غاية ما يمكن أن يقال فيها : إنها مستحبة ، و الراجح
أنها من سنن العادة لا من سنن العبادة ، أما صلاة الجماعة فأقل ما قيل فيها :
إنها سنة مؤكدة ، و قيل : إنها ركن من أركان الصلاة لا تصح إلا بها ، و الصواب
أنها فريضة تصح الصلاة بتركها مع الإثم الشديد ، فكيف يليق بالحكيم العليم أن
يجعل ثوابها مساويا لثواب الصلاة في العمامة بل دونها بدرجات ! و لعل الحافظ
ابن حجر لاحظ هذا المعنى حين حكم على الحديث بالوضع .
و من آثار هذه الأحاديث السيئة و توجيهاتها الخاطئة أننا نرى بعض الناس حين
يريد الدخول في الصلاة يكور على رأسه أو طربوشه منديلا لكي يحصل بزعمه على هذا
الأجر المذكور مع أنه لم يأت عملا يطهر به نفسه و يزكيها ! و من العجائب أن ترى
بعض هؤلاء يرتكبون إثم حلق اللحية فإذا قاموا إلى الصلاة لم يشعروا بأي نقص
يلحقهم بسبب تساهلهم هذا و لا يهمهم ذلك أبدا ، أما الصلاة في العمامة فأمر لا
يستهان به عندهم ! و من الدليل على هذا أنه إذا تقدم رجل ملتح يصلي بهم لم
يرضوه حتى يتعمم ، و إذا تقدم متعمم و لو كان عاصيا بحلقه للحيته لم يزعجهم ذلك
و لم يهتموا له فعكسوا شريعة الله حيث استباحوا ما حرمه ، و أوجبوا ، أو كادوا
أن يوجبوا ما أباحه ، و العمامة إن ثبت لها فضيلة فإنما يراد بها العمامة التي
يتزين بها المسلم في أحواله العادية ! و يتميز بها عن غيره من المواطنين ،
و ليس يراد بها العمامة المستعارة التي يؤدي بها عبادة في دقائق معدودة ، فما
يكاد يفرغ منها حتى يسجنها في جيبه ! و المسلم بحاجة إلى عمامة خارج الصلاة
أكثر من حاجته إليها داخلها بحكم أنها شعار للمسلم تميزه عن الكافر و لا سيما
في هذا العصر الذي اختلطت فيه أزياء المؤمن بالكافر حتى صار من العسير أن يفشي
المسلم السلام على من عرف و من لم يعرف ، فانظر كيف صرفهم الشيطان عن العمامة
النافعة إلى العمامة المبتدعة ، و سول لهم أن هذه تكفي و تغني عن تلك و عن
إعفاء اللحية التي تميز المسلم من الكافر كما قال صلى الله عليه وسلم :
" خالفوا المشركين احفوا و في رواية قصوا الشوارب و أوفوا اللحى " ، رواه
الشيخان و غيرهما عن ابن عمر و غيره و هو مخرج في " حجاب المرأة المسلمة "
( ص 93 ـ 95 ) .
و ما مثل من يضع هذه العمامة المستعارة عند الصلاة إلا كمثل من يضع لحية
مستعارة عند القيام إليها ! و لئن كنا لم نشاهد هذه اللحى المستعارة في بلادنا
فإني لا أستبعد أن أراها يوما ما بحكم تقليد كثير من المسلمين للأوربيين . فقد
قرأت في " جريدة العلم الدمشقية " عدد ( 2485 ) بتاريخ 25 ذي القعدة سنة 1364
هـ ما نصه : لندن ـ عندما اشتدت وطأة الحر ، و انعقدت جلسة مجلس اللوردات سمح
لهم الرئيس بأن يخلعوا لحاهم المستعارة ! فهل من معتبر ؟ .
(1/206)
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 253 ) :
موضوع .
أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " ( ص 111 ) من رواية الديلمي
( 2 / 256 ) بسنده إلى أبان عن أنس مرفوعا .
و قال : أبان متهم و تبعه ابن عراق في " تنزيه الشريعة " ( 257 / 2 ) .
قلت : و قال الحافظ السخاوي في " المقاصد " ( ص 124 ) تبعا لشيخه الحافظ ابن
حجر : إنه موضوع و قال المنوفي : إنه حديث باطل كما في " موضوعات " الشيخ
القاري ( ص 51 ) .
و لا شك عندي في بطلان هذا الحديث و كذا الحديثين قبله ، لأن الشارع الحكيم يزن
الأمور بالقسطاص المستقيم ، فغير معقول أن يجعل أجر الصلاة في العمامة مثل أجر
صلاة الجماعة بل أضعاف أضعافها ! مع الفارق الكبير بين حكم العمامة و صلاة
الجماعة ، فإن العمامة غاية ما يمكن أن يقال فيها : إنها مستحبة ، و الراجح
أنها من سنن العادة لا من سنن العبادة ، أما صلاة الجماعة فأقل ما قيل فيها :
إنها سنة مؤكدة ، و قيل : إنها ركن من أركان الصلاة لا تصح إلا بها ، و الصواب
أنها فريضة تصح الصلاة بتركها مع الإثم الشديد ، فكيف يليق بالحكيم العليم أن
يجعل ثوابها مساويا لثواب الصلاة في العمامة بل دونها بدرجات ! و لعل الحافظ
ابن حجر لاحظ هذا المعنى حين حكم على الحديث بالوضع .
و من آثار هذه الأحاديث السيئة و توجيهاتها الخاطئة أننا نرى بعض الناس حين
يريد الدخول في الصلاة يكور على رأسه أو طربوشه منديلا لكي يحصل بزعمه على هذا
الأجر المذكور مع أنه لم يأت عملا يطهر به نفسه و يزكيها ! و من العجائب أن ترى
بعض هؤلاء يرتكبون إثم حلق اللحية فإذا قاموا إلى الصلاة لم يشعروا بأي نقص
يلحقهم بسبب تساهلهم هذا و لا يهمهم ذلك أبدا ، أما الصلاة في العمامة فأمر لا
يستهان به عندهم ! و من الدليل على هذا أنه إذا تقدم رجل ملتح يصلي بهم لم
يرضوه حتى يتعمم ، و إذا تقدم متعمم و لو كان عاصيا بحلقه للحيته لم يزعجهم ذلك
و لم يهتموا له فعكسوا شريعة الله حيث استباحوا ما حرمه ، و أوجبوا ، أو كادوا
أن يوجبوا ما أباحه ، و العمامة إن ثبت لها فضيلة فإنما يراد بها العمامة التي
يتزين بها المسلم في أحواله العادية ! و يتميز بها عن غيره من المواطنين ،
و ليس يراد بها العمامة المستعارة التي يؤدي بها عبادة في دقائق معدودة ، فما
يكاد يفرغ منها حتى يسجنها في جيبه ! و المسلم بحاجة إلى عمامة خارج الصلاة
أكثر من حاجته إليها داخلها بحكم أنها شعار للمسلم تميزه عن الكافر و لا سيما
في هذا العصر الذي اختلطت فيه أزياء المؤمن بالكافر حتى صار من العسير أن يفشي
المسلم السلام على من عرف و من لم يعرف ، فانظر كيف صرفهم الشيطان عن العمامة
النافعة إلى العمامة المبتدعة ، و سول لهم أن هذه تكفي و تغني عن تلك و عن
إعفاء اللحية التي تميز المسلم من الكافر كما قال صلى الله عليه وسلم :
" خالفوا المشركين احفوا و في رواية قصوا الشوارب و أوفوا اللحى " ، رواه
الشيخان و غيرهما عن ابن عمر و غيره و هو مخرج في " حجاب المرأة المسلمة "
( ص 93 ـ 95 ) .
و ما مثل من يضع هذه العمامة المستعارة عند الصلاة إلا كمثل من يضع لحية
مستعارة عند القيام إليها ! و لئن كنا لم نشاهد هذه اللحى المستعارة في بلادنا
فإني لا أستبعد أن أراها يوما ما بحكم تقليد كثير من المسلمين للأوربيين . فقد
قرأت في " جريدة العلم الدمشقية " عدد ( 2485 ) بتاريخ 25 ذي القعدة سنة 1364
هـ ما نصه : لندن ـ عندما اشتدت وطأة الحر ، و انعقدت جلسة مجلس اللوردات سمح
لهم الرئيس بأن يخلعوا لحاهم المستعارة ! فهل من معتبر ؟ .
(1/206)
0 التعليقات:
إرسال تعليق