" لا تنتفعوا من الميتة بشيء " .

" لا تنتفعوا من الميتة بشيء " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 238 ) :
ضعيف .
رواه ابن وهب في مسنده عن زمعة بن صالح عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا ،
و زمعة فيه مقال ، كذا في " نصب الراية " ( 1 / 122 ) .
قلت : و من طريق ابن وهب أخرجه الطحاوى في " شرح معاني الآثار " ( 1 / 271 )
بهذا السند عن جابر قال : بينا أنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه
ناس فقالوا : يا رسول الله إن سفينة لنا انكسرت ، و إنا وجدنا ناقة سمينة ميتة
فأردنا أن ندهن بها سفينتنا و إنما هي عود و هي على الماء فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم فذكره ، و هذا إسناد ضعيف و له علتان :
الأولى : زمعة هذا قال الحافظ في " التقريب " و في " التلخيص " ( 1 / 297 ) :
ضعيف .
الأخرى : عنعنة أبي الزبير فإنه كان مدلسا .
و مما سبق تعلم أن قول الشيخ سليمان حفيد محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله في
حاشيته على " المقنع " ( 1 / 20 ) :
رواه الدارقطني بإسناد جيد ، غير جيد ، على أنني في شك كبير من عزوه للدارقطني
فإني لم أره في " سننه " ، و هو المراد عند إطلاق العزو إليه و لم أجد من عزاه
إليه غير الشيخ هذا ، و ابن الجوزي لما أورده في " التحقيق " ( 15 / 1 ) لم
يعزه لأحد مطلقا بل قال : رواه أصحابنا من حديث جابر ، و لو كان عند الدارقطني
لعزاه إليه كما هي عادته ، و إنما عزاه الموفق بن قدامة في " المغني " ( 1 /
67 ) لأبي بكر الشافعي بإسناده عن أبي الزبير عن جابر ، قال : و إسناده حسن .
و قال الحافظ في " التلخيص " ( 1 / 297 ) بعد أن ذكره من طريق زمعة : رواه
أبو بكر الشافعي في " فوائده " من طريق أخرى ، قال الشيخ الموفق : إسناده حسن .
قلت : قد علمت مما نقلته عن الموفق أنه من طريق أبي الزبير أيضا عن جابر و علمت
علته مما بينا ، فالإسناد ضعيف على كل حال ، و قد راجعت فوائد أبي بكر الشافعي
رواية ابن غيلان عنه ، فلم أجد الحديث فيه ، لكن في النسخة نقص هو الجزء الأول
و أوراق من أجزاء أخرى ، كما راجعت من حديثه أجزاء أخرى فلم أعثر عليه و الله
أعلم .
و إنما صح الحديث بلفظ : " لا تنتفعوا من الميتة بإهاب و لا عصب " ، و في ثبوته
خلاف كبير بين العلماء ، لكن الراجح عندنا صحته كما حققناه في كتابنا " إرواء
الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل " ( رقم 38 ) .
و الفرق بينه و بين هذا الحديث الضعيف واضح ، و هو أنه خاص بالإهاب ( و هو
الجلد قبل الدبغ ) و العصب فلا يصح الانتفاع بهما إلا بعد دبغهما لقوله
صلى الله عليه وسلم : " كل إهاب دبغ فقد طهر " ، و هذا عام يشمل الشعر و الصوف
و العظم و القرن و نحو ذلك ، و ليس هناك ما يدل على عدم الانتفاع بها إلا هذا
الحديث الضعيف ، و لا تقوم به حجة و الأصل الإباحة ، فلا ينقل منها إلا بنقل
صحيح و هو معدوم .
( تنبيه ) : كنت قد أعللت الحديث بضعف زمعة بن صالح و عنعنة أبي الزبير و بأنه
مخالف للحديث الصحيح المخرج في " الإرواء " ثم وجدت تصريح أبي الزبير بالسماع
في مطبوعة جديدة قيمة من آثار السلف و وجدت له شاهدا قويا من حديث عبد الله بن
عكيم بهذا اللفظ كنت خرجته في " الإرواء " فأعدت النظر في إسناده فتأكدت من
صحته فأخرجته مع حديث أبي الزبير في " الصحيحة " ( 3133 ) .
( تنبيه ) : كان هنا بهذا الرقم حديث " يا نساء المؤمنات عليكن بالتهليل
و التكبير ، و لا تغفلن فتنسين الرحمة " الحديث ، ثم وجدت له شاهدا موقوفا على
عائشة له حكم المرفوع فبدا لي أنه لا يليق إيراده هنا مع هذا الشاهد و قد ذكرته
في رسالة " الرد على التعقب الحثيث " و ليت الذين يردون علينا يفيدوننا مثل هذه
الفائدة حتى نبادر إلى الرجوع إلى الصواب ، مع الاعتراف لهم بالشكر و الفضل ،
و المعصوم من عصمه الله عز وجل .
(1/195)

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
مجلة فارس الإسلام للأحاديث الضعيفة والمكذوبة © 2012 | الى الأعلى